Friday, November 30, 2012

رقم 18 خطبة جمعة عن عيوب آدم جزء 3 بتاريخ 30-11-2012

الجمعة 18 عيوب آدم جزء 3

تاريخ 30/11/2012

الحمد لله رب العالمين... الذي يربي بني آدم في الدنيا ... ليردهم إلي أحسن تقويم ... ليصلحوا للعودة إلي الجنة... بعد أن طردوا منها مستحقين لا مظلومين... لأنهم إن ظنوا أنفسهم مظلومين ... فإنهم يقلدوا إبليس اللعين... في ظنه أن آدم كان السبب في طرده من الجنة و الرحمة إلى يوم الدين... وبقي الفريقان أعداء إلى يوم الدين ... وكان ذلك من قدره تعالى : ليميز الخبيث من الطيب... فأما الخبيث فإلى سجين... وأماالطيب فالى الفردوس و عليين ... اللهم صلي علي رسول رب العالمين... سيدنا محمد الأمين... الذي أرسل إلى الثقلين أجمعين... ليصلحهم ليكونوا من الناجين... و على آله و صحبه و التابعين وسلم تسليما كثيرا...
أما بعد... تحدثنا عن أن الله خلق آدم و قصد أن يخلقه و به عيوب ونقائص ، وكلفه بإصلاح هذا العيبوب والنقائص... و ذكرنا أن أول عيبين هما النسيان و ضعف العزيمة... وبيّنا أن دوام ذكر الله هو من أهم طرق علاج النسيان و ضعف العزيمة ...و تكلمنا عن سبب العداء الذي يكنه إبليس لآدم و ذريته... وبينا أنه لا ذنب لآدم في ذلك.... وأن الله إستخدم آدم في  فتنة إبليس فطرد ... أن إبليس يحاول الإنتقام من آدم و ذريته ليصلوا لما وصل هو إليه من طرد ولعنة..... ونكمل اليوم بإذن الله
قال تعالي "  وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى " وقال أيضا "  فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ " من الآيتين نجد أن الشيطان أغوي آدم .....أو بالبلدي كده... ضحك عليه بثلاث حاجات...
·       الأولي....  الخلد ... لما قال له شجرة الخلد... يعني يعيش أبدا... و لا يموت... و لا ينتهي
·       الثانية... الملك العظيم الدائم...لما قال له ....ملك لا يبلي.... يعني ...لا ينتهي أو يضعف أو يقل...
·  الثالثة... العلو كالملائكة... زي ما إحنا كده بنقول الوجاهة الإجتماعية... أو الوضع الإجتماعي.... و دي موجودة في الآية الثانية ...لما بيقول لآدم وزوجه ...تكونا ملكين...
·  يعني الخلاصة كده... إنه ضحك عليهم... و فهمهم... إنهم ...لو كلوا... من الشجرة الممنوعين عنها ....هيعيشوا علي طول... ومش هينتهوا... ولا يموتوا أبدا... وكمان.... هيبقي لهم ملك.... دائم... لا ينقطع... و لا يقل... ولا يتأثر... بالزمن... ومش بس كده... ده كمان... هيبقي لهم ... وضع عظيم وعلو كالملائكه
·   بس مع الكلام إللي فات ده.... ناخد بالنا... الآية بتقول حاجة مهمة أوي... قال تعالي " فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ " يعني إيه؟؟؟ يعني بالبلدي كده نصب عليهم ...أو ضحك عليهم...خدعهم... غرر بيهم
·  خلي بالك هنا ...من كذا حاجة... إن حكاية خدعهم دي... مش مقصود بيها... فقط ...إنه ضحك عليهم... عشان يخرجهم... من الجنة بس!!! ده حتي... الحاجات ...اللي قال لهم ...إنهم هياخدوها... لما ياكلوا من الشجرة ...(الخلد ...و الملك... والعلو)... دي نفسها كانت خدعة...إزاي خدعة؟؟؟
·       ناخد الثلاث حاجات اللي قلناهم واحده واحده:
1-  الخلد... هل كان آدم فعلا محتاج لموضوع الخلد ده؟... أو بتعبير تاني هوه مين قال لآدم إنه هيموت أصلا!؟؟؟  فعشان كده صدق الشيطان و كل من الشجرة عشان مايموتش!!!... نلاقي الكلام ده غلط... آدم ما كانش هيموت ولا حاجة لو ماكانش كل من الشجرة.... جبت الكلام العجيب ده منين...؟؟؟ الآية بتقول الكلام ده بوضوح شديد...!!! الأية بتقول : " وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى " تضحي هنا إشارة للضحي و ده وقت زي ما إحنا بنقول وقت الضحي.... يعني آدم لما كان في الجنة قبل الأكل من الشجرة لم تكن تسري عليه تغيرات مع الزمن ... يعني مثلا الإنسان دلوقت كل ما يكبر في السن يعني يمر عليه الزمن يبان عليه الشيب و العجز ... لكن في الجنة ما كانش فيه زمن أصلا عشان آدم يكبر و يعجز و يموت...

    وخلي بالك كمان من نقطة كمان مهمة هنا... تأثير الزمن محصور في الجسم المادي... الجسم مع الزمن و التقدم في العمر بيمرض و يضعف و في النهاية بيموت... وإذا كان الإنسان عبارة عن جسم وروح... و الروح دي نفخة من الله ... فالروح لا هتمرض و لا هتضعف ولا هتموت... يعني... لا يؤثر فيها الزمن... و ده يوضح إن الزمن ده مخلوق و ليس قديم فلا يؤثر علي الروح لأنها من الله ولكن يؤثر علي الجسم الخلوق...
    وهنا ماننساش إن آدم في الجنة قبل الأكل من الشجرة لم يكن له هذا الجسم المادي اللي إحنا عارفينه دلوقت زي ما وضحنا في الخطبة قبل السابقة وهذا الجسم المادي هوه اللي بيتأثر و بيضعف و يموت مع الزمن.... يعني ببساطة شديدة ...آدم قبل ما ياكل من الشجرة كان خالدا و لما أكل من الشجرة ظهر له الجسم اللي بيموت .. يعني إنضحك عليه وحصل العكس!!!
    وخلي بالك هنا من حقيقة نغفل عنها... وهي إنه لما حصل ده و ظهر لآدم جسم بيموت... ده كان أول نجاح لإبليس لأنه نجح يخلي آدم بيموت زيه... لأن إبليس لم يكن حتي هذا الوقت من المنظرين زي ما بينا في الخطبة الماضية...و خلي بالك برضه ... إن إبليس أغوي آدم بما يشتهي إبليس نفسه... لأنه يعلم إنه يموت و يشتهي الخلد... وآدم نفسه عرف موضوع الموت ده من العلم الذي علمه الله له عن باقي المخلوقات... التي تموت زي الحيوانات مثلا... و لو آدم لم يكن يعلم عن الموت لما نجح إبليس في تخويفه من الموت و إغوائه بالخلد
2-  النقطة الثانية هنا... الملك الذي لا يبلي...و يا تري آدم كان فعلا محتاجه؟؟ نشوف ماذا قال الله تعالي في الآية... " إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى " وقال" وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا"  الآيتين بيوضحوا إن آدم في الجنة كان له سكن وأنه لن يجوع و لن يتعري و لن يعطش و في نفس الوقت كان مسموح له ياكل ما يشاء  طبعا ما عدا الشجرة المحرمة...طيب ... هو إيه الملك؟؟؟ أو اي إنسان عايز إيه من الملك؟؟؟ أو إيه اللي يحسس أي إنسان بالملك... يمكن إختصار الموضوع بالبلدي كده.. إنك تقدر تعمل اللي نفسك فيه و ماتبقاش عايز حاجة ولا نفسك في حاجة و مش عارف تعملها... ساكن و مرتاح ... ولابس اللي نفسك فيه وواكل اللي نفسك فيه و شبعان... لو كل ده إتحقق مش هيبقي فيه فرق إنت عندك مليون واحد ولا عشرة مليون و لا حتي مليار...
    يبقى آدم  بالمعني ده  ـ و بالإضافة لعدم تأثر آدم بالزمن زي ما قلنا ـ يبقي آدم في الجنة... و قبل الأكل من الشجرة... كان عنده ملك لا يبلي.....! معني كده إن الشيطان برضه في النقطة دي ضحك عليه... أوهمه إنه لو أكل من الشجرة هيبقي عنده ملك لا يبلي في حين إنه كان فعلا عنده هذا الملك قبل الأكل من الشجرة...و مش بس كده... ده لما أكل من الشجرة... وظهر الجسم و طرد... زادت إحتياجاته ... أكل... شرب ... سكن... لبس... زوجه... إلخ..... وكمان .. في الجنة كان الله متكفل بكل إحتياجاته... لكن لما طرد إلي الأرض أصبح هو المسئول عن توفيرها لنفسه و لزوجه و لذريته... يعني إبليس وعده بشيئ عنده فعلا فلما أطاعه فقده... نسمع الآية : " فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى "
    خلي بالك برضه إن إبليس هنا أغواهم بما كان يشتهي هو ... إزاي... إحنا عارفين إن إبليس كان من الجن الذين سكنوا الأرض قبل خلق آدم... و أنهم كانوا في صراع دائم فيما بينهم علي الملك و النفوذ.. ولهذا قالت الملائكة: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ  "  يعني الملك كان شهوة عند الجن و منهم إبليس... و في نفس الوقت ... رغم إن آدم لم يحتاج الملك الذي وعده به إبليس ... فإنه من العلم الذي عنده كان يدرك إحتياج الكائنات في خارج الجنة لمقومات الحياة... ولهذا تمكن إبليس من خداعه بتلبيس الأمور عليه فلم يدرك ما أنعم الله به عليه.... بكفالته له في الجنة ... ونظر لمن هم دونه من المخلوقات و إحتياجهم لمقومات الحياه... فتوهم إحتياجه للملك
 الثالثة... وعد إبليس آدم بالعلو إن أكل من الشجرة... و كان العلو بالنسبة لإبليس هو الملائكة... و لكن بتلبيسه علي آدم نسي آدم أن الله بنفخه فيه من روحه : أصبح أعلى من الملائكة فسجدوا لآدم... يعني برضه نفس الحكاية ...
    وعد إبليس آدم بما عنده حيث كان أعلي من الملائكة قبل الأكل من الشجرة... فلما أكل منها رد أسفل سافلين وطرد من الجنة و فقد مكانته عند الملائكة بمعصيته... وبرضه إبليس أغواه بما يشتهي هو لأن إبليس كان أقل من الملائكة و كان يشتهي أن يعلوا مثلهم و آدم صدقه لعلمه أن الملائكة من أعلي الكائنات و نسي أنهم سجدوا له ........
) قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم (
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الحمد لله ...الذي خلق الإنسان... في أحسن تقويم... ثم رده... أسفل سافلين... الحمد لله ... الذي إختصنا... دونا عن سائر الأمم بحبيبه.. سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم... ليأخذ بأيدينا... ليعيدنا لأحسن تقويم... و ينقذنا الله به من العدو الحاقد اللعين... الذي فتن أبينا آدم فأخرجه من الجنة ... بقدر الله ... فصرنا الى ما نحن فيه... اللهم صلي و سلم وبارك عليه و آله و صحبه و سلم ..... أما بعد...
     فقد رأينا مما سبق أن آدم خدع... و لكن لماذا خدع كل هذه الخدع و لم ينجو من أي منها ؟؟؟... قلنا إن أول العيوب هي (النسيان) ... و لكن ليس العيب الوحيد... نعم النسيان جعل آدم يغفل عن ما أعطاه الله له في الجنة و أنه ليس محتاج لما و عده به إبليس... و لكن كما قلنا أن الله خلق آدم و خلق فيه عيوب ... و أن الله قصد تلك العيوب ليكون تكليف آدم و إختباره هو التخلص من تلك العيوب... يعني العيوب موجودة أصلا في آدم و لم يوجدها إبليس فيه... و لكن الله إستخدم إبليس ليظهر هذه العيوب ...من النقط السابقة و من الآيات نتعلم أن عيوب آدم ... و طبعا ذريته من بعده ورثت نفس العيوب و هي :
(النسيان - ضعف العزيمة - حب الخلود - حب التملك - حب العلو)
    و لو بحثنا عن أي خلل في شخصية أي إنسان سنجد أن وراء هذا الخلل عيب من هذه الخمسة أو مجموعة من العيوب مشتركة مع بعضها تسبب هذا الخلل أو النقص .. و أن هذه العيوب هي التي تسمح للشيطان بالوسوسة للإنسان عن طريق إثارتها عنده .. و علي قدر تمكن هذه العيوب وتغلغلها في قلب الإنسان تنتج الغفلة التي تحبب للإنسان الإستماع للوسوسة و التغافل عن الحق و الميل عنه .. و هذا ما يسر للشيطان إغواء آدم...
     و علي قدر تغلب الإنسان علي هذه العيوب تتزكي النفس .. و تقل فرصة الشيطان في الوسوسة .. لأن الغفلة ممكن تقل الي درجة أن يصل الإنسان الى أن يكون من العباد المخلصين : اللي ربّنا وصفهم في القرآن : بإنهم (الذين ليس للشيطان عليهم سلطان) ..   و كما وضحنا من قبل أن أهم علاج للغفلة هو الذكر و المداومة عليه...
جعلنا الله و إياكم من الذاكرين المخلصين الذين ليس للشيطان عليهم سبيل...

Saturday, November 17, 2012

رقم 17- خطبة جمعة عن عداوة إبليس لآدم بتاريخ 16/11/2012

عيوب آدم - جزء 2 – عداوة إبليس لبني آدم

الجمعة  17
 16-11-2012
الحمد لله الذي خلق الجسد من طين... ثم نفخ فيه من روحه ... فقام آدم في أحسن تقويم...فلما قام ...: رأي علي ساق العرش مكتوب ...: ( لا إله إلا الله محمد رسول الله )... و سجد الملائكة أجمعون ... إلا العدو الحاسد اللعين... تكبر ... فلم يكن من الساجدين...فأصبح من المطرودين... : إلي يوم الوقت المعلوم... أما آدم فبقي في الجنة إلي حين... أراده له ربه ـ بحكمته ـ فخلق له من نفسه زوجه لتؤنسه.... فلما تم مراد الله ...من بقاء آدم و زوجه في الجنة ...: سمح لللعين ... فتسلل للجنة... فوسوس لآدم وزوجه...  فعصي آدم ربه فغوى...  فأهبط وزوجه إلى الأرض بذنبهم... فاستشفع آدم بمن رأى اسمه مقرونا باسم الله على ساق العرش ... فتاب الله عليه كرامة لسيدنا و مولانا و حبيبنا محمد صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم... صاحب اللواء المعقود ...والحوض المورود... و المقام المحمود... السبب الأعظم لكل موجود... الخليفة المختار... اللهم إنفعنا به وبشفاعته في الدنيا و الآخرة...الذي أجاز الله لآدم الاستشفاع به قبل أن يظهر في الدنيا... أفلا يجوز الإستشفاع به بعد ظهوره في الدنيا و إنتقاله منها إلي الرفيق الأعلي...؟؟؟!!! اللهم صلّ وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ..
أما بعد...تحدثنا في الخطبة السابقة عن خلق الله لآدم... وأن الله خلقه بعيوب قاصِدًا ذلك .. ولو أراد أن يخلقه كاملاً لفَعَل .. ولكنه تعالى جعل هذه العيوب هي مناط التكليف ... الذي هو الإختبار لبني آدم في الأرض ... وهي الأمانة التي حملها الإنسان بظلمه وجهله مختارا لا مجبرا...
    و قلنا... أن أول عيب أوجده الله تعالى في آدم... : هو النسيان... و العيب الثاني هو ضعف العزيمة ... وبَيَّنا... أن العلاج الأمثل و الجامع لهذه العيوب التي ورثها بني آدم من أبيهم ...: هو إتباع شرع الله... وأن من أهم العلاج أيضًا ...: المداومة علي ذكر الله.. فالمداومة على الذّكر : تعالج النسيان و الغفلة... وكذلك تعالج ضعف العزيمة ... وتكلمنا عن الغفلة ، ودور النفس فيها... ونكمل بإذن الله تعالي...
قال تعالي: "فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ... لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا... وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ... إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ... أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ "
 ●تذكر الآيات هنا عدة أشياء :
1ـ أن الشيطان كان يعلم... ما سوف يحدث لآدم و زوجه إذا أكلا من الشجرة..., كان يعلم أن الأكل من الشجرة... سينتج عنه ظهور الجسد المادي... الذي نعيش به الآن .. وحتى... إذا ما كانش عارف بالتفصيل إيه اللي حيحصل... : فعلى الأقل... كان عارف إن فيه متاعب  حتحصل لهم ... لأن مخالفة أوامر الله ...: لابد ينتُج عنها متاعب للإنسان المخالف .
2ـ الكلام ده معناه إيه؟...آدم وحواء... عندما كانا في الجنة ...لم يكن لهما هذا الجسم الذي نعرفه الآن... لأن هذا الجسم... لا يصلح للحياه داخل الجنة...! طيب... ليه لا يصلح للحياه داخل الجنة؟... الجسم بتاعنا ده مادي... و له طبيعة مختلفة عن طبيعة الجنة...مثلا... الجسم المادي ...يحتاج أن يخرج فضلات الشرب و الأكل  ... البول... البراز... العرق... و هذه النجاسات و القاذورات... لا تناسب طبيعة الحياة الكاملة في الجنة ... كاملة ...يعني لا يشوبها أي نقص... و بالطبع... عملية إخراج هذه الفضلات...هي نوع... من النقص و العناء... ولذلك... قبل الأكل من الشجرة... : لم يحتاج آدم وحواء... لشيء يستر عوراتهما ...لعدم ظهورها أصلاً ...
ولكن كما ذكرت الآية... : " فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ... : بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا ...وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ".. وخد بالك... إن كلمة (سوآتهما) هنا ...: مِش بس معناها (العورة)... ، دي ممكن جدًا... يبقى معناها... (الجسد نفسه) .. جبناها منين دي ؟.... فاكرين... لمّا أحد أبناء آدم... قتل أخوه .. وبعدين بقى محتاس... مِش عارف يخلص من جثـّته ازّاي ؟... فربّنا... بعت له غراب... بينبش في الأرض عشان يدفن غراب تاني... : عشان ربّنا يورّيه ويعلّمه حاجة جديدة ...ما كانش يعرفها ، اللي هيّ (دفن الجثة) ... فاكرين (قابيل) ـ ابن آدم عليه السلام ـ قال إيه ساعتها ؟... ) قَالَ يَا وَيْلَتَى .. أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَاب ..ِ فَأُوَارِيَ (سَوْءَةَ) أَخِي ( .. يعني... ربّنا هنا... استعمل كلمة (سوأة)... عشان يُشير بها... للجسد البشري .. إذاً ...الأكل من الشجرة... : نتج عنه... ظهور الجسد ...، اللي ما كانش ظاهر أصلاّ... وهمّ في الجنة .. فبدأوا يغطّوه بورق الشجر اللي في الجنة ..
السؤال دلوقت ... إيه كان هدف إبليس ...من هذه الخدعة؟؟؟  ...ببساطة ...: كان هدفه ...الانتقام من آدم ... ليه ؟... لأن إبليس... كان رأيه ...: إنه فقد مكانته بسبب آدم ... لأن إبليس... كان موجودا مع الملائكة في الجنة ... رغم أنه ...من الجن... وليس ملكا ... وحتي إنه كان يطلق عليه... لعبادته لله و مكانته... : (طاووس الملائكة) ... ثم فتن ... و طرد من الجنة ... وكل ده... بسبب مين ؟.. بسبب آدم...خلي بالك إن الكلام ده من وجهة نظره هو... وده طبعًا... باطل و ليس حق .
1-   ليه الكلام ده... باطل وكذب؟؟؟  لأن سبب اللي حصل له... : ليس آدم ... أمّال إيه السبب ؟... السبب... : هو ...(الكبر... ، والغيرة ...، والحسد... ، والغرور...) اللي كانوا موجودين عند إبليس... وبالإضافة لكل الصفات السيئة دي :... كان في مشكلة تانية... كبيرة جدًا ، وقع فيها إبليس... ، وبيقع فيها كتير من بني آدم نفسهم ..
     إيه المشكلة دي ؟... (النظر إلى النفس... ، والانشغال بها) ... نظر إبليس لنفسه ...، وبدأ يقارن... بينه وبين آدم ...؛ فلقى إنه خلق من نار... ، وإن آدم ...خلق من طين ... والنار... ـ حسب وجهة نظره ـ... أعلى من الطين ... لكن حتى حكمه... بأن النار أفضل من الطين... حتى الحُكم ده... كان بدون دليل من الله.. وبعدين هوّ ما خدش باله ...من نقطة مهمّة جدًا .. إن حتى لو كانت النار أعلى من الطين ...: فآدم مِش مجرد عجينة من الطين .. لأ .. آدم عجينة من الطين... ، لكن فيها نفخة من روح الله ..
وبعدين... لمّا نظر لنفسه... ولعبادته ...: ما انتبهش لشئ هام جدًا ؟... إن حتى ...طاعته... وعبادته لله :... ما كانش ممكن يقدر يعملها... : إلاّ بعون الله ...وتوفيقه .. يعني... مِش بشطارته هوّ .. يعني... هوّ نسي... إن الفاعل الحقيقي... هو الله وحده...... ولذلك... فهذا النظر للنفس... : هو اللي أظهر... كل الصفات السيئة اللي ذكرناها... وطبعا ... معني الكلام ده... إن آدم... كان مجرد إختبار... من الله لإبليس... ولمّا ...إبليس أبي... أن يطيع الأمر الإلهي... بالسجود لآدم ...: رسب إبليس... في الإختبار الإلهي ...بعصيانه ... وهذا العصيان... أظهر الصفات السيئة... اللي عنده ... يعني الله : ...زي ما استخدم... إبليس ...عشان يفتِن آدم... ، إستخدم آدم... في فتنة إبليس ... نسمع الآيات... عشان نفهم ...: " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ... ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ... اسْجُدُوا لِآَدَمَ... فَسَجَدُوا ...إِلَّا إِبْلِيسَ ...لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ... قَالَ... مَا مَنَعَكَ ...أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ... قَالَ ...أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ... خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ... وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ... قَالَ... فَاهْبِطْ مِنْهَا... فَمَا يَكُونُ لَكَ... أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا ...فَاخْرُجْ... إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ... قَالَ... أَنْظِرْنِي... إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ... قَالَ... إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ... قَالَ ...فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي... لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ... ثُمَّ... لَآَتِيَنَّهُمْ... مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ...وَمِنْ خَلْفِهِمْ... وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ... وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ...وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ... قَالَ... اخْرُجْ مِنْهَا... مَذْءُومًا مَدْحُورًا ...لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ ...لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ... مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ " ..
لو لخصنا إللي قلناه... بالإضافة... لما توضحه الأيات... نلاقي الموضوع ...من وجهة نظر إبليس... و بإختصار شديد كالأتي ...: يري إبليس... أنه خلق من النار... التي هي أعلى من الطين... وأنه عبد الله فترة من الزمن... بمنتهى الجدية ...ولهذا ...رفعه الله... ليعيش في الجنة ... ولهذا ...أصبح... محل إحترام وتقدير... من الملائكة... وفجأة... : قرر الله... أن يخلق مخلوق ...من طين ...(أقل في الدرجة مِنّه) ، ...ثم... أمر الجميع بالسجود... لهذا المخلوق الأقل .. فلم يطيع إبليس الأمر... لانه ...رأي ...أنه أعلي من آدم...فلما سأله الله ...لماذا لم تسجد... رد علي الله رد... : أظهر فيه ...الكِبر... والغرور... والنظر إلى النفس... والإعجاب بيها ... فطرد من الجنة ...والرحمة... وإحتل آدم ...الذي كان السبب... في هذا الطرد المهين ...: كل مكانته ...من حب الله له ...و الملائكة ...و السكن في الجنة ... فتكونت... داخل إبليس... العداوة ...لهذا المخلوق... اللي كان سبب... في المصيبة ...اللي حصلت له ... فأراد الإنتقام... طب... إيه خِطة الانتقام... : اللي حيبتدي إبليس... ينفـّذها ؟..
1ـ أولا... لازم يخرج آدم من الجنة... زي ما كان السبب... في خروجه هو أيضا من الجنة
2ـ ثانيا ...لابد... من العمل... على طرد آدم ...من رحمة الله ...كما كان أيضا آدم السبب ...في طرد إبليس... من رحمة الله ...
3ـ ثالثا... : لابد... من العمل... بكل السبل... علي... تنغيص حياة ...آدم وزوجه وذريته في الأرض... وتزكية ...العداوة و البغضاء بينهم... ليذوقوا مرارة الطرد... من الجنة ...كما يعاني إبليس...
4ـ رابعا... : لابد... من العمل... بكل السبل ...علي... إيقاع آدم وزوجه و ذريته... في الذنوب ...لإبعادهم... عن ربهم... بقدر الإمكان... إنتقاما منهم....
والآيات بتوضّح ...: الخطة... ، وطريقة التنفيذ ...: "  قَالَ... أَنْظِرْنِي... إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ... قَالَ... إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ... قَالَ ...فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي... لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ... صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ... ثُمَّ ...لَآَتِيَنَّهُمْ ...مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ... وَمِنْ خَلْفِهِمْ ...وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ... وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ...وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ... قَالَ... اخْرُجْ مِنْهَا... مَذْءُومًا مَدْحُورًا ...لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ ...لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ... مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ".... وفي آية أخري... قال تعالى... : "فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا... فَأَخْرَجَهُمَا... مِمَّا كَانَا فِيهِ .. وَقُلْنَا... اهْبِطُوا... بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ... وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ ...مُسْتَقَرٌّ... وَمَتَاعٌ إِلَى ...حِينٍ "  .... وفي آية أخرى ...قال تعالى : "فَوَسْوَسَ... لَهُمَا الشَّيْطَانُ... لِيُبْدِيَ... لَهُمَا... مَا وُورِيَ عَنْهُمَا... مِنْ سَوْآَتِهِمَا"
لما نحط كل الآيات... اللى بتتكلم عن الموضوع... ده جنب بعض ...، ونطلب... من الله ...إنه يفهمنا ...: ممكن... نبتدي... نعرف إيه اللي حصل ... وأهم من كده... : إيه إللي بيحصل ...لنا إحنا في الدنيا دلوقت....
) قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ( 
 الحمد لله ...الذي جعل كيد الشيطان ضعيفا... عونا لنا ... الحمد لله ...السميع العليم ... الذي ... من نزغ الشيطان ... الحمد لله ...الذي خلق الشيطان... فجعله لنا دائما عذرا... و نحن المقصرون... حتي قالوا... الحمد لله ...الذي جعل الشيطان ...ممسحة للأقدام... علي باب الرحمن ... الحمد لله ...التواب الرحيم ...الذي علم آدم كلمات... فتاب عليه... بعد أن أغواه الملعون... فجعل... كيده و تعبه و كده... حسرة عليه... بتوبته علي آدم وزوجه... اللهم صلي... علي سيدنا و نبينا و مولانا... محمد وآله و صحبه... و سلم وبارك... بعدد نعمك و إفضالك... ما دام الزمان و المكان... و بني الإنسان...
إستكبر إبليس... فقال له الله عز وجل... : " قَالَ... فَاخْرُجْ مِنْهَا... فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي... إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) " فكان هذا قرار الله ...بطرد إبليس... من الجنة... و حرمانه من رحمة الله... إلي يوم القيامة... فقرر إبليس... الإنتقام ... و ليقوم بالإنتقام ...فإنه يحتاج للبقاء حيا... إلي يوم القيامة ... ليلازم آدم وذريته... من أول واحد... لآخر واحد... فطلب هذا من الله... قال تعالي... : "قَالَ... رَبِّ فَأَنْظِرْنِي... إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ... فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) ...إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)" فأجابه الله... إلى طلبه ...في أن يكون... من اللذين لن يموتوا ...إلا يوم القيامة... و بهذا... ضمن البقاء... ملازما لآدم و ذريته... إلى قيام الساعة... و لكنه... تعلم ...من الدرس السابق... أنه لا يستطيع ...عمل أي شيئ بنفسه... و أنه يحتاج ...لمدد من الله ...ليستطيع العمل... على إضلال بني آدم... فإستعان بعزة الله... علي ذلك...قال تعالى...: " قَالَ ...فَبِعِزَّتِكَ... لَأُغْوِيَنَّهُمْ... أَجْمَعِينَ (82)" ...طبعا ...غريبة دي ... بس الموضوع بسيط ... صحيح... هو يستعين بعزة الله... لإغوائنا... وهذا يحدث فعلا... ولكن... ماذا يحدث بعد الإغواء ؟؟؟ ... الآيه بتوضح ..." إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا ...إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ... مِنَ الشَّيْطَانِ ...تَذَكَّرُوا ...فَإِذَا هُمْ... مُبْصِرُونَ" يعني... بعد ما الشيطان... يتعب... و يغوي الإنسان المتقي ... ربنا ...يذكر هذا الإنسان... فيندم ...و يستغفر... و يتوب إلي الله ... فيغفر الله له... و يتوب عليه ...زي ما حصل مع آدم بالضبط ... ده مش بس كده ... ده اللي بيتوب توبة نصوح... يعني... مايرجعش يعمل نفس الذنب تاني... ربنا بيقلب سيئاتهم حسنات... تخيل بقي... حسرة الشيطان... شكلها إيه.... أسمع الآية " إلَّا مَنْ تَابَ... وَآَمَنَ... وَعَمِلَ... عَمَلًا صَالِحًا... فَأُولَئِكَ... يُبَدِّلُ ...اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ... وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"... و مش بس كده... ده كمان... فيه ناس... ميقدرش علي غوايتهم أصلا ... الآية بتوضح  "   إِلَّا ...عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ" ...و من الناس دي... زي ما كلنا عارفين... سيدنا... عمر إبن الخطاب ... بنص الحديث الشريف ..." قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ... وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ...مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ ...سَالِكًا فَجًّا ...إِلَّا ...سَلَكَ... فَجًّا... غَيْرَ فَجِّكَ " ...ليه... الشيطان ما يقدرش... يقرب من سيدنا عمر؟... لأن عمل الصالحات... و المداومة ...عليه... يجعل للمؤمن نور... قال ...رسول الله صلى الله عليه وسلم ...: « الصلاة... نور... المؤمن »
 ... أما الشيطان... فمن عالم الظلام... لمعصيته... و النور... يفني الظلام ... يعني... نور المؤمن... يحرق الشيطان...  فلا يستطيع ...الإقتراب منه...

اللهم... إجعلنا... من عبادك المخلصين... اللذين... ليس للشيطان... عليهم سلطان

Friday, November 9, 2012

رقم (5) خطبة جمعة عن دعاء العارفين و الإضطرار بتاريخ (16/12/2011)

دعاء العارفين و الإضطرار
5- (16/12/2011)

الحمد لله رب العالمين الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد المتعالي عن الكم و العدد و المقدس عن كل احد خلق الاضداد لتتمايز فميز الساخن بالبارد وميز الظلام بالنور و لم يحتج لضد ليتميز عن خلقه فوجودهم يحتاج اليه ولايحتاج وجوده هو لهم في شىء فقد كان موجودا قبلهم و لا شيء معه فاحب ان يعرف فخلق الخلق فبه عرفوه وهو الان علي ما عليه كان كما قال حبيبه سيدنا و نبينا وامامنا و شفيعنا محمد صلي الله عليه و اله و صحبه وسلم صلاه يفتح الله بها لنا باب كل خير و يغلق بها الباب علي كل شر و ينفعنا بنورها الي ان توردنا عليه علي الحوض ليسقينا بيده شربه لا نظمأ بعدها أبدا
نكمل باذن الله في موضوع الدعاء و نحاول ان نري جانب اخر للدعاء و هو الجانب الذي ينظر اليه اهل المعرفه و حب الله الذين اكتفوا بالله عمن سواه الذين أدركوا شيئا من جمال الله وجلاله و قدرته و انه الفاعل الوحيد علي وجه الحقيقه

قيل الدعاء: مفتاح الحاجة، وهو مستراح أصحاب الفاقات، وملجأ المضطرين، ومتنفس ذوي الماّرب، وقد قيل في قوله سبحانه وتعالى " ويقبضون أيديهم "انه  ذم من الله تعالي لقوم تركوا الدعاء بمعني انهم لا يمدون ايديهم إلي الله لسؤاله
قال تعالي
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
في الايه دي ننتبه الي ان كلمه ادعوني في اول الايه ترادف(شرح معنى ترادف) كلمه عبادتي في نهايتها
و ايضا قال رسول الله صلي الله عليه و سلم الدعاء مخ العباده
و الايه وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قرئها ابن عباس الا ليعرفون

يعني الدعاء و العباده و معرفه الله مترادفات و انها سبب خلق الله للجن و الانس فكما قال في الحديث القدسي كنت كنزا مخفيا فاردت ان اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني
. يجب ان ننتبه ان مفهوم الدعاء واسع جدا

فالاستغفار هو دعاء و توجه الي الله (شرح)

الاستعاذه بالله من الشيطان دعاء

قال سهل بن عبد الله: خلق الله تعالى الخلق وقال ناجوني (اي ادعوني و بثوا الي شكواكم من كل ما تكرهوا وحمدكم علي ما تحبوا وثنائكم علي)، فإن لم تفعلوا فانظروا إليّ (بمعني توجهوا بقلوبكم الي)، فإن لم تفعلوا فاسمعوا مني (اي القران)، فإن لم تفعلوا فكونوا ببابي (اي انتظروا عطائي)، فإن لم تفعلوا فأنزلوا حاجاتكم بي (اي توكلوا علي) يعني لو حاولنا نلخص الكام جمله اللي فاتم... نقول انه لازم يكون بينك و بين الله علاقه مباشره و شكلها علي حسب حالك انت

و  قال سهل بن عبد الله أيضا : أقرب الدعاء إلى الإجابة دعاء الحال.
ودعاء الحال: أن يكون صاحبه مضطراً لابد له مما يدعو لأجله (ولا يري امامه الا الله ولا موجود ولا فاعل ولا منقذ سواه).
و قال أبو عبد الله المكانسي: كنت عند الجنيد؛ فأتت امرأة إليه وقالت: ادع الله أن يرد عليّ ابني: فإن ابناً لي ضاع فقال لها: اذهبي واصبري، فمضت، ثم عادت فقالت له مثل ذلك، فقال لها الجنيد: اذهبي واصبري، فمضت ثم عادت، ففعلت مثل ذلك مرات والجنيد يقول لها: اصبري، فقالت له: عيل صبري (يعني نفذ صبري)، ولم يبق لي طاقة عليه، فادع لي.
فقال لها الجنيد: إن كان الأمر كما قلت فاذهبي، فقد رجع ابنك (يقصد هنا هن قدرتها علي التحمل خلصت)، فمضت، فوجدته، ثم عادت تشكر له فقيل للجنيد : بم عرفت ذلك؟ فقال: قال الله تعالى: " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. ومن هنا ممكن نفهم حاجه مهمه جدا جدا وهي ان الله لا يكلف احدا من خلقه مالا يطيق يعني في أي بلاء يصيب انسان اول لما البلاء يصل بالانسان لاقصي تحمل له فان الله سوف يزيحه لانه لايكلف نفسا الا وسعها يعني لازم في كل احوالك تبقي مدرك انه لن يكلفك ما لا تطيق
وكما ذكرنا من قبل ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( الدعاء مخ العبادة )
فالإتيان بما هو عبادة أولى من تركه (يعني الدعاء)، ثم هو حق الله سبحانه و تعالى فإن لم يستجب الله للعبد، ولم يصل العبد إلى حظ نفسه فلقد قام بحق ربه( قلها بالعامية) ؛ لأن الدعاء إظهار فاقة العبودية (يعني الفقر لله). وقد قال أبو حازم الأعرج: لأن أحرم الدعاء أشدُّ علي من أن أحرم الإجابة.(يقصد ان توفيق الانسان ليقوم بالدعاء هو اصلا عطاء من الله ويري ايضا ان العطاء  في ان يوفق للدعاء اكبر بكثير من العطاء في اجابه الدعاء)
وفي الخبر المروي " أن العبد يدعو الله سبحانه وهو يحبه، فيقول: ياجبريل أخِّر حاجة عبدي، فإني أحبُّ أن أسمع صوته، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه فيقول: يا جبريل، إقض لعبدي حاجته، فإني أكره أن أسمع صوته " .


وقال صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده، إنّ العبد ليدعو الله تعالى وهو عليه غضبان، فيعرض عنه، ثم يدعوه، فيعرض عنه، ثم يدعوه، فيعرض عنه ثم يدعوه، فيقول الله تعالى لملائكته: أبي عبدي أن يدعو غيري فقد استجبت له (يعني اصرار العبد علي دعاء الله وحده و عدم الملل او استبطاء الاجابه ممكن ان يكون السبب في ان يستجيب الله له و يرضي عنه  )
ومن أداب الدعاء: حضور القلب، وأن لا يكون ساهياً؛ فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله تعالى، لا يستجيب دعاء عبد من قلب لاهٍ " .
ومن شرائطه: أن يكون مطعمه حلالاً؛ فلقد قال صلى الله عليه وسلم لسعد: " اطب كسبك تُستجب دعوتك " .
وقد قيل: الدعاء: مفتاح الحاجة، وأسنانها: لقم الحلال. (كان حاجتك عليها قفل و مفتاحه الدعاء واسنان المفتاح اكل المال الحلال)

وكان يحيى بن معاذ يقول: إلهي، كيف أدعوك وأنا عاص؟ وكيف لا أدعوك وأنت كريم؟!
وقيل: مر موسى، عليه السلام، برجل يدعو ويتضرع، فقال موسى عليه السلام: إلهي، لو كانت حاجته بيدي قضيتها (يعني سيدنا موسي بيقول لله لو انا كنت قادر علي اجابه طلب ذلك الرجل لفعلت)؛ فأوحى الله، تعالى إليه: أنا أرحم به منك، ولكنه يدعوني، وله غنم وقلبه عند غنمه، وإني لا أستجيب لعبد يدعوني وقلبه عند غيري. فذكر موسى عليه السلام للرجل ذلك، فانقطع  إلى الله تعالى بقلبه (يعني تخلص من انشغال قلبه بالغنم) فقضيت حاجته. (يعني المهم هو الحال القلبي و ليس الشكل الظاهر للتضرع و الدعاء)
وقيل لجعفر الصادق: ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟ فقال: لأنكم تدعون من لا تعرفونه. (يقصد من لا تدركون قدرته و عطائه وكرمه و فعله وانه هو المجيب الوحيد حتي لو اخفي اجابته بايصالها اليك عن طريق اي سبب ظاهر لك )
كان صالح المري ( بدل الاسم : قول أحد الصالحين) يقول كثيراً: من أدمن قرع باب يوشك أن يفتح له. فقالت له رابعة: إلى متى تقول هذا؟ متى أغلق هذا الباب حتى يستفتح؟ فقال صالح: شيخ جهل وامرأة علمت.
وحكي عن الليث أنه قال: رأيت عقبة بن نافع ضريراً، ثم رأيته بصيراً، فقلت له: بم رد عليك بصرك؟ فقال: أتيت في منامي، فقيل قل: يا قريب، يا مجيب، يا سميع الدعاء، يا لطيفاً لما يشاء، رد علي بصري. فقلتها، فرد الله عزَّ وجل علي بصري.

وحكى عن محمد بن خزيمة، أنه قال: لما مات أحمد بن حنبل كنت في الإسكندرية، فاغتممت.. فرأيت في المنام أحمد بن حنبل وهو يتبختر، فقلت: يا أبا عبد الله، أي مشية هذه؟ فقال: مشية الخدام في دار السلام. فقلت: ما فعل الله عزَّ وجل بك؟ فقال: غفر لي، وتوجني، وألبسني نعلين من ذهب، وقال: يا أحمد هذا بقولك القرآن كلامي. ثم قال: يا أحمد ادعني بتلك الدعوات التي بلغتك عن سفيان الثوري وكنت تدعو بها في دار الدنيا. فقلت: يا رب كل شيء بقدرتك على كل شيء، اغفر لي كل شيء، ولا تسألني عن شيء. فقال: يا أحمد هذه الجنة، فادخلها، فدخلتها.(القصه دي تدل علي مدي حب الله لدعاء العبد)

قال ربكم ادعوني استجب لك


الحمد لله رب العالمين خلق الخلق فبه عرفوه و رزق خلقه اجمعين انسهم و جنهم مؤمنهم و كافرهم خلق الدنيا بما فيها و رغم كبر حجمها و كل ما فيها من خير و شر فانها لا تساوي عنده جناح بعوضه و لو ساوت جناح بعوضه ما سقي الكافر منها شربه ماء... و اخبرنا بدنائتها و حقيقتها حتي لا ننشغل بها و نضيع مهمتنا الرئيسيه في الدنيا و هي معرفته سبحانه و تعالي حيث انه ما خلق الجن و الانس الا ليعرفوه. لذا ارسل لهم رسله و انبيائه, اللهم صل و سلم و بارك عليهم عامه وعلي سيدنا محمد خاصه و علي اله و صحبه وسلم تسليما كثيرا طيبا مبارك فيه

وقيل: تعلق شاب بأستار الكعبة، وقال: إلهي، لا شريك له فيؤتى، ولا وزير لك فيرشى، إن أطعتك فبفضلك ولك الحمد، وإن عصيتك فبجهلي ولك الحجةُ عليَّ، فبإثبات حجتك عليَّ وانقطاع حجتي لديك إلا غفرت لي. فسمع هاتفاً يقول: الفتى عتيق من النار.
وقيل: فائدة الدُعاء: إظهار الفاقة (يعني الفقر) بين يديه تعالى
وقيل: خير الدعاء: ما هيجته الأحزان.(شرح)

( في نصيحة جميلة جدًا قالها واحد من الصالحين) وقال بعضهم: إذا سالت الله تعالى حاجة فتسهلت، فاسأل الله عقب ذلك الجنة؛ فلعل ذلك يوم إجابتك.
وقيل: الدعاء سلم المذنبين.(شرح)

وقيل: الدعاء: المراسلة (يقصد بين العبد و ربه)
وقيل لسان المذنبين دعاؤهم.
وقال أبا علي الدقاق، رحمه الله: إذا بكى المذنب فقد راسل الله عزَّ وجلَّ. (النقطه هنا المهمه جدا جدا هي ان الدعاء لا يشترط فيه ابدا الكلام وانه ممكن يكون مجرد نيه او توجه او حال قلبي او بكاء بين العبد و ربه طبعا ده يوضح ان دعائك لو من قلبك باي صيغه حتي لو غير منمقه ممكن يكون ادعي للقبول من ترديد ادعيه منمقه شكلها حلو )
وقال بعضهم: الدعاء ترك الذنوب.
وقيل: الدعاء لسان الاشتياق إلى الحبيب.(يعني مناجاه بين العبد و ربه)
وقيل: الإذن في الدعاء خير للعبد من العطاء.
وقال الكتاني لم يفتح الله تعالى لسان المؤمن بالمعذرة إلا لفتح باب المغفرة.( يعني هو اللي الهمك الاستغفار عشان يغفرلك و كما قال تعالي  فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
وقيل: الدعاء يوجب الحضور، والعطاء يوجب الصرف، والمقام علي الباب أتمُّ من الانصراف بالمثاب. (يعني الدعاء كانك واقف بباب الله تطلب منه فاذا اعطيت اخذت العطيه ثم انصرفت )

وقيل: الدعاء مواجهة الحق، تعالى، بلسان الحياء. (كما في التوبه و الاستغفار)
و قد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ يعني الدعاء من الايمان
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

رقم (4) الإضطرار في الدعاء بتاريخ 11/11/2011

الإضطرار في الدعاء

4- (11-11-2011)
الحمد لله رب العالمين خالق الاكوان جميعا خلق الانسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من قبل من مارج من نار, يثيب المؤمن صادق نيه الخير  خيرا وان لم يعمل بها بكرمه و علمه, و يثيب من تورع عن السوء ايضا خيرا بعفوه و علمه وكرمه, سبق منه الاحسان لكل خلقه مع علمه السابق بصالحهم وطالحهم, اللهم صلي و سلم و بارك علي خير خلقه اجمعين سيدنا و مولانا محمد و علي اله و صحبه اجمعين
اما بعد...
تكلمنا في جمعات سابقه عن الدعاء وان اهم شيئ في الدعاء هو صدق الاخلاص والتوجه الي الله بوعي و ادراك لقدرته و كماله و غناه و في نفس الوقت عجزي و نقصي وفقري و ثقتي في الاجابه سواء عاجلا في الدنيا بالشكل و التوقيت الذي يراه الله لي مناسبا في الدنيا او يؤجله لي في الاخره مدركا و واعيا لكونه سبحانه و تعالي خيرا محض. ونكمل بتوفيقه في نفس الموضوع ولكن هذه المره نسوق بعض الامثله لاظهار مدي تاثير الدعاء اخذين في الاعتبار حال الداعي ولكن وجب علينا التنبيه علي بعض النقاط الهامه جدا:
1-سنورد الروايات المذكوره في الكتب المعروفه وذلك فقط لمنع التشكك فيها و لكن المهم جدا في هذه النقطه اننا يجب ان نوقن ان ما جاز او حدث مع اول هذه الامه يمكن بالتاكيد ان يحدث مع اخرها ذاكرين حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ. الكلام ده يعني ايه...المقصود هنا اننا لما نسمع هذه القصص الموثقه و الصحيحه نعتبرها امثله يمكن اتباعها و ليست كلام كتب قديمه زي ما كتير من الناس بتقول او ان واحد يقول احنا فين و الناس دي فين الي اخر هذه النوعيه من الكلام السلبي الذي يهدم ولا يبني
2-اجابه الدعاء لا تشترط ابدا ان يكون الداعي من الاولياء و الصالحين نعم ان يكون الداعي رجل صالح فهذا احد اسباب الاجابه و لكنه ليس شرط لازم للاجابه و نثق في ان دعاء من صدق في اضطراره مجاب باذن الله و فضله حتي لو كان الداعي ليس من الاولياء
3-نسمع عن روايات مشابهه كثيره من من حولنا في هذه الايام و من اناس يوثق فيهم و موجود كثير منها في كتب منشوره لاعلام في هذا الدين واعلام في الدنيا ايضا ولكن لن نورد ايا منها منعا لفتح اي نقاشات جانبيه تخرجنا عن اصل الموضوع
 الروايه الاولي:
 عن أنس ، قال : كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا معلق ، وكان يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق ، وكان ناسكا ورعا ، فخرج مرة فلقيه لص مقنع بالسلاح فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك ، قال : ما تريد إلا دمي شأنك بالمال ، قال : أما المال فلا فلست أريد إلا دمك ، قال : أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات ، قال : صل ما بدا لك ، فتوضأ ثم صلى أربع ركعات وكان من دعائه في آخر سجدة أنه قال : يا ودود يا ذا العرش المجيد ، يا فعالا لما تريد ، أسألك بعزك الذي لا يرام ، وملكك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني ، ثلاث مرات قال : دعا بها ثلاث مرات فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة واضعها بين أذني فرسه ، فلما أبصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ، ثم أقبل إليه فقال : قم ، قال : من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله تعالى بك اليوم ؟ قال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة ، دعوت الله بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجيجا ، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل : دعاء مكروب ، فسألت الله عز وجل أن يوليني قتله ، قال أنس : فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أم غير مكروب
لابد و ان ننتبه ان هذه القصه حدثت بين شخصين في صحراء احدهما مسلح و الاخر اعزل طبعا هذا الوضع اعان الداعي في تمثل حال الاضطرار لانه لم يكن له اي تصرف او تدبير او فعل فلم يري غير الله و لكن كون الشخص صالح يثبته عند البلاء ويذكره بطلب العون من الله والتوجه اليه حيث يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياه الدنيا و الاخره حيث قال تعالي" يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ" اقرب مثال لذلك ما يحدث للانسان الصالح من التثبيت  عند سؤال الملكين في القبر او و العياذ بالله الارتباك و النسيان الحيره و الرعب الذي يحدث للضال او الكافر و كل علي قدره قال تعالي " وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" من هنا نقدر نفهم الفرق بين تصرف الصالح و الطالح و ان الطالح قد لا يوفق في الدعاء و لكن الاجابه مضمونه كما اوضح ذلك الفاروق سيدنا عمر حين قال "لا احمل هم الاجابه و لكن احمل هم الدعاء" يقصد ان المهم هو التوفيق في الدعاء حيث ان الاجابه مضمونه
الروايه الثانيه:
جاءت امرأة إلى العالم بقىّ بن مخلد, فقالت :إن ابني في الأسر ولا حيلة لي!! فلو أشرت إلى من يفديه فاننى والهة
قال: نعم فانصرفي ! حتى انظر في أمره ثم اطرق (وحرك شفتيه )ثم بعد مده جاءت المرأة بابنها؟
فقال : كنت في يد ملك فبينا إنا في العمل سقط قيدي!! قال: فذكر اليوم والساعة فوافق وقت دعاء الشيخ ؟؟
قال: فصاح علىّ المرسم بنا ثم نظر وتحّير! ثم احضر الحداد وقيدني فلما فرغ ,ومشيت سقط القيد فبهتوا ودعوا رهبانهم فقالوا: إلك والدة ؟
قلت: نعم!
قالوا: وافق دعاءها إجابة !! فزودوني وبعثوا بىّ
القصه دي بتوضح كيف يتحقق الولي بالاضطرار و اللجوء لله في كل ما يريد حتي لو كان الموضوع لا يخصه شخصيا ولكنه مدرك و واعي تماما لربه و يطلب منه ما يريد و هو مضطر له و واثق في اجابته
قال الرسول صلي الله عليه وسلم " من فتح له باب الدعاء فتح له باب من ابواب الرحمه" ومن اقوال العلماء و الاولياء " اذا فتح لك باب المساله فاعلم انه "اي الله" يريد ان يعطيك" و قالوا ايضا "اذا نطق اللسان بالدعاء فاعلم ان المجيب سبحانه و تعالي يريد ان يعطيك"
قال ربكم ادعوني استجب لكم....

الحمد لله فاطر السماوات و الارض مرسل السحاب بالخير لمن اراد و مرسله ايضا بالعقاب علي من اراد ارسل لنا احب رسله صلي الله عليه وسلم باكمل شريعه وارتضاها لنا و وعدنا بكرمه و عفوه كرامه لاحب رسله واكملهم صلي الله عليه واله وصحبه وسلم
قال تعالي في الحديث القدسي الذى يدل على حب الله لمن يدعوه يقول تعالى " ياجبريل أدعانى عبدى فيقول نعم يارب فيقول ياجبريل اخر مسالته فانى احب أن أسمع صوته"
هل قابلت اي شخص في الدنيا يسعد بكثره طلباتك منه؟ لا اظن ان هذا الشخص موجود حتي المثل البلدي بيقول اذا كان حبيبك عسل ما تلحسوش كله, لانه لا يوجد انسان يتحمل كثره سؤاله لكن الله يحب ان يسمع دعاء عبده لان الدعاء هو اعتراف من العبد بالعبوديه و اعتراف لله بالربوبيه بل اعتراف باسماء الله الحسني وصفاته فقد قال تعالي في الحديث القدسي "كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني" فالدعاء هو معرفه لله معرفه لكرمه, لاجابته, لوهبه, لعطائه, لعلمه والله يبغض العبد الذي لا يدعوه لانه لا يقدر لله حق قدره حتي ان الله ليبتلي العبد ليلجئه اليه ليتعرف عليه قال تعالي " وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ" وقال " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
من المعاني المهمه جدا في الايات السابقه ان ترك الدعاء و التضرع لله هو احد اسباب البلاء و العقاب لان ترك الدعاء هو كبر علي الله وفي الحديث القدسي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (يقول الله : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ، ولا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان"
نوجز بعض اسباب استجابه الدعاء مما ورد, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء"
وقال " اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوه" ومن حديثه صلي الله عليه وسلم" انه ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" بمعني ان المسافر المتواضع اكل الحلال الملح في الدعاء الذي يتحري الحلال في كل شيئ تستجاب دعوته
التوسل الي الله بالاعمال الصالحه التي وفقك الله اليها من اسباب الاجابه كما ورد بقصه الثلاثه الذين حبستهم الصخره في كهف فتوسل كل واحد منهم بعمل عمله خالصا لله ففرج الله عنهم
استغلال حال المرض و الضعف و الانكسار و قله الحيله وكل ما يورث الاضطرار و نطلب من كل من هو في هذه الاحوال ان يدعو لنا و خاصه بالغيب
تحري اوقات الاجابه مثل ليله القدر و الثلث الاخير من الليل و يوم عرفه و بعد كل صلاه و بين الاذان و الاقامه و في رمضان و قبل افطار الصائم و وقت نزول المطر و اثناء السجود حيث يكون العبد اقرب ما يكون الي ربه طبعا لانه ساجد متواضع و خاضع لله و بعد ختام القران وفي كل جمعه ساعه اجابه ندعو الله ان تكون تلك الساعه