Wednesday, October 3, 2012

رقم (1) خطبة جمعة عن النية بتاريخ 2/9/2011


النية

1-  (02092011)
اللهم لك الحمد أولا و آخروظاهراً وباطناً ولك الحمد كما تحب وترضى ولك الحمد فى الاولى و الآخرة ... اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد النبى الأمى العربى الهاشمى ذو الخلق العظيم المبعوث رحمة للعالمين ...الذى جعله الله خليفة فى أرضه و على آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد...
أخرج البُخاريُّ ومُسلِمٌ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ يقولُ : (( إنَّمَا الأعمَال بالنِّيَّاتِ وإِنَّما لِكُلِّ امريءٍ ما نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُوْلِهِ ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُها أو امرأةٍ يَنْكِحُهَا فهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إليهِ ))

أعتبر الكثير من علماء هذا الدين أن هذا الحديث هو مدار هذا الدين كله فرُويَ عنِ الشَّافعيِّ 

أنَّهُ قال : هذا الحديثُ ثلثُ العلمِ ، ويدخُلُ في سبعينَ باباً مِنَ الفقه.

وعَنِ الإمام أحمدَ قال : أصولُ الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمرَ 

: (( الأعمالُ بالنيات )) ، وحديثُ عائشة : (( مَنْ أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليس منهُ ، فهو ردٌّ )) ، وحديثُ النُّعمانِ بنِ بشيرٍ : (( الحلالُ بيِّنٌ ، والحَرامُ بَيِّنٌ ))
فاذا كانت النيه بهذه الأهميه, فما هي النيه؟....
فاعلم أنّ النيَّةَ في اللُّغة هي نوعٌ من القَصدِ والإرادة ،
والنية ليست مجرد لفظ باللسان... كما تقول (اللهم إني نويت كذا وكذا) ولا هي حديث نفس فحسب (يعني نفسي أعمل حاجه ولكن لم يتولد عندي الهمه اللازمه لانفاذها)، بل هي انبعاث القلب نحو العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع أو دفع ضر حالاً أو مآلاً.
والنيةُ في كلام العُلماء تقعُ بمعنيين :

أحدهما : بمعنى تمييز العباداتِ بعضها عن بعضٍ ، كتمييزِ صلاة الظُّهر مِنْ صلاةِ العصر مثلاً ، وتمييزِ صيام رمضان من صيام غيرِه ، أو تمييز العباداتِ مِنَ العادات ، كتمييز الغُسلِ من الجَنَابةِ مِنْ غسل التَّبرُّد والتَّنظُّف ، ونحو ذلك ، وهذه النيةُ هي التي تُوجَدُ كثيراً في كلامِ الفُقهاء في كتبهم .


والمعنى الثاني : بمعنى تمييزِ المقصودِ بالعمل ، وهل هو لله وحده لا شريكَ له ، أم غيره ، أم الله وغيرُه ، وهذه النيّة هي التي يتكلَّمُ فيها العارفُونَ في كتبهم في 

كلامهم على الإخلاص وتوابعه ، وهي التي تُوجَدُ كثيراً في كلام السَّلَفِ المتقدّمين


و عليه, فانّ صلاحَ العمل وفسادَه بحسب النِّيَّة المقتضيةِ لإيجاده ، وأنّ ثوابَ العاملِ على عمله بحسب نيَّتِه الصالحة ، وأنَّ عقابَه عليه بحسب نيَّته الفاسدة ، وقد تكون نيَّتُه مباحة ، فيكون العملُ مباحاً ، فلا يحصل له به ثوابٌ ولا عقابٌ ، فالعملُ في نفسه صلاحُه وفسادُه وإباحَتُه بحسب النيّة الحاملةِ عليه، المقتضية لوجودِهِ.

وروى عن عُمَر ، قال : لا عَمَلَ لِمَنْ لا نيَّةَ له ، ولا أجْرَ لمَنْ لا حِسْبَةَ لهُ ، يعني : لا أجر لمن لم يحتسبْ ثوابَ عمله عندَ الله عز و جل .

و عن ابنِ مسعودٍ ، قال : لا ينفعُ قولٌ إلاَّ بعملٍ ، ولا ينفعُ قولٌ وعملٌ إلاَّ بنيَّة ، ولا ينفعُ قولٌ وعملٌ ونيَّةٌ إلاَّ بما وافق السُّنَّةَ .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً
و قَالَ أيضا إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا

وعن يحيى بن أبي كثير ، قال : تعلَّموا النِّيَّة ، فإنَّها أبلغُ من العَمَلِ

فإذا أصلح العبد نيته لله فإن حركاته وسكناته ونوماته ويقظاته إذا ابتغى بها وجه الله ونوى النية الحسنة فيها تحتسب خطوات إلى مرضاة الله.

وقد يعجز الإنسان عن عمل الخير الذي يصبو إليه لقلة ماله أو ضعف صحته أو لأي سبب من الأسباب الخارجة عن إرادته وهو في نيته عمل ذلك لو استطاع إليه سبيلاً، فيجازيه الله بحسب نيته.

وقد يرفع الله الحريص على الإصلاح إلى مراتب المصلحين والراغب في الجهاد إلى مراتب المجاهدين، والمتطلع إلى الإنفاق إلى مراتب المحسنين الباذلين لأن بعد هممهم وصدق نياتهم أرجح لديه من عجز وسائلهم.



فليحرص الإنسان على فعل الخير والسعي إليه وتمني فعله أو المشاركة في فعله بنية صادقة وليس تمنيًا كاذبًا بدون سعي إليه ورغبة فيه.



وقد قال قائل: دلوني على عمل لا أزال به عاملاً لله تعالى فقيل له: انوِ الخير، فإنك لا تزال عاملاً وإن لم تعمل، فالنية تعمل ولو عُدم العمل.



وكذلك النية السيئة إذا هم بها الإنسان وعزم على فعلها أو تمنى فعلها ولكن لم يقدر على ذلك لمانع خارج عن قدرته وإرادته فإنه في هذه الحالة تكتب عليه سيئات المعاصي التي تمنى فعلها إذا قدر عليها.



يقول -عليه الصلاة والسلام-: الناس أربعة: رجل آتاه الله عز وجل علمًا ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه الله لعملت كما عمل، فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه مالاً ولم يؤته علمًا فهو يخبط في ماله، فيقول رجل لو آتاني الله مثل ما آتاه عملت كما عمل، فهما في الوزر سواء ,رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح



فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح وهو لم يعمله، ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد وهو لم يعمله، وكان مرد ذلك إلى النية وحدها.

وعن زُبَيدٍ اليامي ، قال : إنِّي لأحبُّ أن تكونَ لي نيَّةٌ في كلِّ شيءٍ ، حتى في الطَّعام والشَّراب ، وعنه أنَّه قال : انْوِ في كلِّ شيءٍ تريدُه الخيرَ ، حتى خروجك إلى الكُناسَةِ 
وعن داود الطَّائيِّ ، قال : رأيتُ الخيرَ كلَّه إنَّما يجمعُه حُسْنُ النِّيَّة ، وكفاك به خيراً وإنْ لم تَنْصَبْ .
و قال داود : والبِرُّ هِمَّةُ التَّقيِّ ، ولو تعلَّقت جميع جوارحه بحبِّ الدُّنيا لردَّته يوماً نيَّتُهُ إلى أصلِهِ .

الأفعال والأقوال المباحة كثيرة جدًا، وإذا لم يقصد بها العبد النية الصالحة فإنها لن تعود عليه بالنفع الآخروي، فإذا أحسن المكلف القصد والتوجه حين القيام بها فإن هذه الأعمال من المطعم والمشرب والنوم والمتاجرة والصناعة تصبح ثروات تنفعه عندما يقدم على ربه يوم القيامة لأن النية الصالحة تحيل العادات إلى عبادات، ولذلك حث العلماء ورغبوا في استحضار النية عند المباحات والعادات ليثاب العبد عليها ثواب العبادات مع أنه لا مشقة علينا في القيام بها، بل هي مألوفة للنفس، مستلذة، وهذا من عظيم سعة رحمة الله وكبير منته أن أباح لعباده الطيبات التي يشتهونها ثم بعد ذلك يثيبهم عليها بحسن نياتهم



ناخد مثال لان الامثله بتوضح اكثر...

واحد كل يوم الصبح يقوم يفطر ... ممكن تكون نيته وهو بيفطر انه يتقوى على العبادة و العمل ... فهنا نيته صالحة ويثاب عليها ... وممكن يكون نيته تقوية جسده لاستخدامه فى ظلم الناس و أكل حقوقهم فيكون العمل فاسد ويعاقب عليه ...والحالة الثالثة انه من باب العادة دون ان يفكر فى أى هدف أكثر من إشباع جوعه  .. وهذه حالة عمل مباح لا يثاب و لا يعاقب عليه ...

الخلاصة .. ان النية هى التى تحدد الوجهة التى يصل اليها العمل وكذلك عائد هذا العمل على الانسان من نفع او ضرر او لا شىء يعني هباء منثورا ...

وهنا يجب ان ننتبه ان النية التى تحدد العائد من العمل على الانسان بغض النظر عن النجاح او الفشل يعنى ايه ؟

أنا حاولت اصلح بين اتنين متخاصمين وكانت نيتى لله وعملت أقصى ما فى وسعى ولكن مشيئة الله لم تكن ان يتم الصلح عن طريقى ...ففي هذه الحالة عملى صالح وأثاب بكامل الاجر على قدر مشقتى لأن الأجر على قدر النية و المشقة ..

واعلم ان النية الصالحة شرط فلاح أعمالك ورضاء الله عنك .
فكل عمل يقوم به المرء انما يكون له الثواب اذا ماتوفرت له النية الصالحة .. فشرط نجاح الاعمال الاخلاص .. و الله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل الا ما كان خالصا لوجهه وانتبه الى ان الاخلاص المطلوب يجب ان يستمر طوال فترة آدائك للعمل : فقد تبدأ عملا بنية صالحة ثم يطرأ عليك أثناء أدائه أغراض غير وجه الله . فاسأل نفسك عن أي فعل تقوم به هل هو لله تعالى أم لغير الله ؟ وهل يتطابق عملك مع شرعه ؟ وتأكد بالمراجعة و المحاسبة من عدم دخول أغراض أخرى أثناء آدائك للعمل والا فاستغفر الله تعالى وتب اليه ( اللهم انى استغفرك من كل عمل قصدت به وجهك فخالطنى فيه غيرك )
 وارجع جدد نيتك واصلحها واستمر فى أداء العمل واياك ان تتوقف عن فعل الخير بدعوى ان النية لم تعد صالحة فهذه خدعة شيطانية تتلف الهمة ....
فعن سفيانَ الثَّوريِّ ، قال : ما عالجتُ شيئاً أشدَّ عليَّ من نيَّتي ؛ لأنَّها تتقلَّبُ عليّ,
 وعن يوسُفَ بن أسباط ، قال : تخليصُ النِّيةِ مِنْ فسادِها أشدُّ على العاملينَ مِنْ طُولِ الاجتهاد,
 وعن مطرِّف بن عبدِ الله قال : صلاحُ القلب بصلاحِ العملِ ، وصلاحُ العملِ بصلاحِ النيَّةِ
لو فكرنا قليلا في عمليه مراقبه النيه و تصحيحها و تجديدها...ما معناها  وما نتيجتها؟..اذا كنت اثناء ادائي اي عمل متيقظ و واعي و مدرك لله و كونه حاضري و ناظري و شاهد علي في كل وقت و كل حال... ستكون النتيجه هي دوام حضوري مع الله واذا حدث ذلك ستكون مهمه الشيطان في اغوائي اصعب عليه لاني ساكون اقل نسيانا ونتيجه لهذا الحضور مع الله سيزيد ادراكي ويقيني بكونه معي و معيني وذلك سبيلي لمقاومه النسيان و ضعف العزيمه وهما من نقاط ضعف بني ادم الرئيسيه كما أ وضح ذلك سبحانه و تعالي في قوله وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا
ومع الاستمرار في مراقبه النيه وتصحيحها يزداد الاخلاص ويبدأ العبد بادراك العلاقه الشخصيه بينه و بين ربه. فاذا ادرك العبد هذه العلاقه توكل علي الله و استعان به ووثق به وبتدبيره وانه خير محض  فاذا ثبت ذلك في قلبه أدرك شيء من معني قوله سبحانه و تعالي (اياك نعبد واياك نستعين) و من معناها ان تدرك انك تعبد الله بالله وهذا من سابق احسانه اليك اذ خلقك ثم هداك الي الايمان به ثم وفقك لعمل الصالحات بنيه خالصه لوجهه ثم يثيبك علي ذلك
قال ربكم ادعوني استجب لكم

الحمد لله رب العالمين والصلاه و السلام علي افضل الخلق أجمعين اللهم صلي وسلم وبارك عليه و علي اله و صحبه أجمعين و التابعين
قالُ الله تعالي  : } فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
و عنِ النَّبيِّ ، قال : (( إنَّ الله عز و جل يقول : أنا خيرُ شريكٍ ، فمن أشركَ معي شريكاً ، فهو لشريكي . يا أيُّها النَّاسُ أخلِصوا أعمالَكُم لله عز و جل ؛ فإنَّ الله لا يقبلُ مِنَ الأعمالِ إلاَّ ما أُخْلِصَ لَهُ ، ولا تقولوا : هذا للهِ وللرَّحِمِ ، فإنّها للرَّحِم ، وليس لله منها شيءٌ ، ولا تقولوا : هذا لله ولوجُوهِكُم ، فإنَّها لوجوهكم ، وليس لله فيها شيءٌ))
اعلم اخي الكريم ان الاعمال ثلاثه من حيث النيه
عمل (مشروع) بدا بنيه خالصه لله و ظلت النيه كذلك الي نهايته  فهو باذن الله مقبول و يثيب الله فاعله و هذا حال العباد المخلصين اللهم اجعلنا منهم
و الثاني عمل بدا بنيه لغير الله ( ايا كانت..سمعه...حميه...غضب...) فلا يقبله الله ولا ثواب فيه و ان كان مخالفا لشرع الله فان فاعله ياثم وهذا حال العصاه ..أعاذنا الله و اياكم ان نكون منهم
و الثالث عمل مشروع بدا بنيه صحيحه لله و لكن اثناء ادائه اختلطت النيه فيه باي شيئ لغير الله فهذا العمل يحتاج لتصحيح النيه فيه ويتقبله الله بكرمه و فضله و عفوه و يثيب فاعله بقدر الاخلاص فيه ... ويعفو عن كثير....وهذا حال معظم المسلمين الهم اجبر نقصنا و اجعلنا من عبادك المؤمنين المقربين المخلصين الذين ليس للشيطان عليهم سبيل...

الدعاء

No comments:

Post a Comment